تحية الى السيّد هاني فحص شيخ المستضعفين المنشغل أبداً بالحق والعدل وبفلسطين
هو الوليّ الوفيّ للإنسان قيمة مطلقة تعلو كلّ القيم. حمل شعلة المحبة، ديناً ومذهباً وعقيدة. دافع عن الحق والمظلومين حتى صار شيخهم.
رحل العلامة السيد هاني فحص، والعالم العربي في زمن تقهقر وظلام. رحل رحلة المطمئن إلى شعلة لن تنطفئ، وقد أضاءها بحياة نذرها دفاعاً عن حق طال غيابه في فلسطين، وإيماناً بسلام ابتعد كثيراً عن موطن السلام، وثقة في غد سيأتي مشرقاً رغم المشقّة.
هاني فحص من أعمدة الحضارة الفكرية العربية وأعلامها. عبر وسيعبر هويات العالم وحضاراته بفكره التنويري، الذي كلما حاول التاريخ حصره يتفتح مجدداً في قلب الحداثة وعمقها فيزهر ويغدو خلاصاً لعالمٍ يمزقه التطرف والعنف.
للوطن كان داعية تنوع ووحدة. للإسكوا، كان مرشداً وصديقاً. ساهم في إعداد تقرير "التكامل العربي، سبيلاً لنهضة إنسانية" الذي صدر في العام الماضي، فأثراه وزاده رشداً. شارك في التحضير لتقرير "العالم العربي عام 2025" الذي سيصدر في العام المقبل، فأضفى على مسوداته الأولى حكمةً وعمقاً وموضوعية. كانت له مساهمات مضيئة في تقارير الأمم المتحدة عن التنمية الإنسانية العربية. هو الجامع لفروع العلم، والمبدع في الفقه، والسياسة، والمرأة، والتكامل، والتاريخ. وقد اتخذ من الأخلاق منارة في كل مقام.
تتذكر الإسكوا زيارته مع أطفال "فرح العطاء". زرع فيهم نور الأمل في مستقبل زاهر، غرس فيهم قيم الوحدة والاتحاد، بدد بذور الفرقة وحارب التمييز والتعصب.
سيبقى السيّد هاني فحص الحضور الآسر في الغياب. وقد ترك لنا إرثاً فكرياً يهدي المسيرة لمن أراد، وسيرة صالحة تنير الدرب لمن يشاء. ترك في كل من التقاه، طفلاً أو عاملاً أو موظفاً أو محاوراً، أثراً لا تمحوه الأيام، يزداد حضوراً ولو طال الغياب.
اليوم، وكلّ يوم، سنفتقد في السيّد وجهاً بهياً، وصوتاً محباً يقاوم الجهل والتقوقع. سنفتقده رسالةً نبيلة تدعو إلى تغليب صوت الحكمة، وفتح آفاق الحوار رحبة، والارتقاء بعالمنا العربي إلى واحة سلام وأمان وحرية لكل مواطن بعيداً عن التبعية والهزيمة والإنكسار.
د. ريما خلف
وكيلة الامين العام للأمم المتحدة
الأمينة التنفيذية للإسكوا