الاثنين 19 كانون الأول/ديسمبر 2011 (الدائرة الإعلامية في الإسكوا) — افتتحت الإسكوا اليوم الدورة الخامسة للجنة المرأة في حضور حشد من وزيرات معنيات بشؤون المرأة من دول عربية، وشخصيات بارزة في هذا المجال، ورئيسات لجان وطنية معنية بالمرأة، وممثلين للسلك الدبلوماسي العربي والأجنبي في لبنان، وممثلين لأجهزة الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية وإقليمية ودولية معنية بشؤون المرأة، وممثلين لمؤسسات إعلامية.
بدأت جلسة الافتتاح بعرض فيلم من إنتاج إدارة شؤون الإعلام في الأمم المتحدة بعنوان "الحلم المستحيل". ثم ألقى نديم خوري، نائب الأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف، كلمة أشار فيها إلى أن المرأة برزت بقوة وفعالية في الانتفاضات والحركات الشعبية التي اجتاحت المنطقة، وتُوجت جهودها بحصول الناشطة اليمنية توكل كرمان -ابنة الثانية والثلاثين ربيعاً- على جائزة نوبل للسلام لعام 2011، لتكون أصغر امرأة وأول عربية تحوز على هذا اللقب. وقال خوري إنه باتت تلوح في الأفق مؤشرات تبعث على القلق، إذ نسمع عن دعوات لمراجعة قوانين الأحوال الشخصية المناصرة للمرأة في بعض الدول العربية بذريعة مخالفتها للشريعة، ونسمع عن تراجع في مكتسبات حققتها المرأة. وأكّد خوري أن للحركة النسائية إنجازات كثيرة نفخر بها، لكنها ظلت حركة مركزية غير قادرة على تحقيق اختراق حقيقي والتحول إلى حركة نسائية جماهيرية، تتفاعل مع الناس في الأرياف والمدن، وتستمع إلى مطالب وشواغل المرأة من جميع فئات المجتمع.
وعن الدورة الخامسة للجنة المرأة، قال خوري إنه تم اختيار موضوع "المساواة في القيادة السياسية وصنع القرار" محوراً رئيسياً لهذه الدورة على ضوء التراجع الملحوظ لدور المرأة في عملية صنع القرار السياسي، فحالة الحراك السياسي غير المسبوقة التي تشهدها دول المنطقة أفرزت قوى تشكك في بعض حقوق المرأة الأساسية، بالإضافة بالطبع إلي العوامل التقليدية التي تحد من هذه المشاركة والتي يرجع بعضها إلى اعتبارات اجتماعية والآخر إلى اعتبارات اقتصادية. واختتم خوري قائلاً إن ما تحقق كثير وما تبقى من عقبات كثير أيضاً، ولكن الرأي العام العالمي كثيراً ما يرى العقبات قبل الإنجازات، لذلك يجب أن نعمل بجهود متضافرة مع الإعلاميين من أجل نقل صورة واقعية غير متحيزة سلباً أو إيجاباً عن وضع المرأة في الدول العربية. فما لم تنل المرأة العربية حقوقها، ستبقى عملية التنمية ناقصة، وكذلك حقوق الإنسان والديمقراطية.
من ناحيتها، قالت فاطمة سبيتي قاسم، منسقة الدورة الخامسة للجنة المرأة، إن المرأة في المنطقة العربية ما زالت تجد نفسها على هامش عملية اتخاذ القرار الذي يُنتج التحولات السياسية الهامة ويرسخها في ذهن المجتمع، وبالأخص في شريحة الشباب. وفي هذه المرحلة الفاصلة من مسيرة بناء الأنظمة الديمقراطية، لا يكفي أن تشارك المرأة بقوة في الحراك الشعبي، بل يجب أيضًا تعزيز قدراتها في التأثير على سير هذه الحركات وفي التطوّرات المرافقة لها. وشددت على ضرورة تشجيع الشباب والشابات على انتهاج "سياسة الحضور"، وذلك من خلال فرض أنفسهم للمشاركة في المجالس واللجان الإصلاحية في هذه الفترة الانتقالية من التحول إلى الديمقراطية. ولا يقتصر نهج "سياسة الحضور" على أن تفرض المرأة نفسها كشريكة كاملة ومواطنة من الدرجة الأولى، بل يجب أن تحظى بالدعم التام لكي تتمكن من تعميم القضايا الخاصة بها ودمج قضايا المساواة بين الجنسين في البرامج السياسية للعملية الانتقالية. ولا تزال الفجوات بين الجنسين واسعة في الشأن العام، وعلى الأخص في السلطات التنفيذية والتشريعية، وإلى حد ما في القضائية. علماً بأن المرأة في كافة الدول العربية أحرزت تقدماً ملحوظاً في عدة مجالات كالتعليم والصحة والعمل، وتولت العديد من النساء مناصب رفيعة في مواقع القرار لاسيما في القطاع الخاص. كما أحرزت المرأة بعض التقدم في المشاركة السياسية ترشيحاَ وانتخاباً، وإن كان بنسب متباينة بين دولة عربية وأخرى. لكن هذا التقدم لم ينعكس على مشاركة المرأة في القيادة السياسية وصنع القرار التي لا تزال تخضع لهيمنة الرجال. لذلك فإن قضية المرأة والمساواة بين الجنسين هي قضية المجتمع برمته وليست حكراً على المرأة وحدها. إنها تتطلب رؤية جديدة من منظار مضيء ومبادرات خلاقة وإجراءات عملية جدية، بالإضافة إلى الإرادة السياسية.
وعرضت قاسم الانجازات على مستوى التنمية المؤسسية، الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية، الإستراتيجيات الوطنية وخطط العمل، التشريعات والقوانين، التعليم والعمل والمشاركة السياسية. كما أشارت إلى التحديات التي تكمن في شح الموارد البشرية والمادية المخصصة لتنفيذ برامج المرأة ومهام الآليات الوطنية المعنية بالمرأة، ضعف التنسيق والمتابعة والتقييم في تنفيذ خطط وبرامج تمكين المرأة، عدم توفر البيانات والإحصائيات المصنفة حسب النوع، ضعف برامج التوعية والتأهيل لصقل مهارات المرأة لمفهوم النوع الاجتماعي، الفجوة بين نص القانون وتطبيقه، الضبابية في نشر وتوزيع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) والتقاعس لتنفيذها مع الإبقاء على التحفظات عليها، التمييز ضد المرأة في العمل والأجر والترقية والتدريب المهني، تفشي الأمية والفقر والبطالة بين النساء وخاصة في القطاع الزراعي وفي الريف، إظهار المرأة بصورة سلبية في الإعلام الغربي والعربي، سوء تفسير التعاليم الدينية والتمسك بالعادات والتقاليد المجحفة بحق المرأة، وأخيراً عدم استقرار المنطقة بسبب النزاعات والحروب والاحتلال والحصار الاقتصادي ومؤخراً الحراك الشعبي نحو الديمقراطية، والخوف من خسارة المكتسبات التي حققتها المرأة في السابق.
وألقى بشار الأسعد كلمة الدورة الرابعة للجنة المرأة في الإسكوا التي ترأستها الجمهورية العربية السورية، وجه فيها الشكر للجنة المعنية بتجديد أولويات برامج عمل الإسكوا وخططها المعنية بالمرأة ورصد تطورات وضع المرأة، وذلك بغية وضع سياسات متكاملة للنهوض بالمرأة وتمكينها. ولفت إلى أن التوصيات التي اعتمدتها اللجنة في دورتها الرابعة شملت توصيات موجهة إلى البلدان الأعضاء وأخرى موجهة إلى الأمانة التنفيذية، شاكرا البلدان التي قامت بالإجابة على الاستبيان الذي أرسل إليها والتي أوضحت فيه الانجازات التي قامت بها لتنفيذ توصيات الدورة الرابعة.
بعد جلسة الافتتاح، جرى انتخاب أعضاء مكتب الدورة، فتولت دولة السودان الرئاسة، وتولى العراق وسوريا منصبي نائبي الرئيس، والأردن منصب المقرر.
وعرضت كارلا موسى، مساعدة باحث في مركز المرأة الأسكوا، تقرير الأمانة التنفيذية حول التقدم المحرز في تنفيذ أنشطة مركز المرأة منذ انعقاد الدورة الرابعة للجنة المرأة.
ثم عرض ممثلو البلدان في كل من العراق والأردن والسودان وفلسطين التقدم المحرز في مجال النهوض بالمرأة من الدورة الرابعة للجنة المرأة من حيث تنفيذ الأنشطة المتعلقة بالنهوض بالمرأة في إطار برنامج عمل الإسكوا لفترة السنتين 2010-2011 وتنفيذا للتوصيات الصادرة عن لجنة المرأة في دورتها الرابعة، بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها البلدان في مجال النهوض بالمرأة تنفيذاً لتوصيات لجنة المرأة في دورتها الرابعة والتحديات التي واجهتها في هذا الصدد.
الدورة، التي تختتم أعمالها في 21 كانون الأول/ديسمبر 2011، تركّز على مواضيع ذات أهمية كبرى مثل إدماج قضايا النوع الاجتماعي في سياسات وبرامج وأنشطة المؤسسات العامة؛ التقدّم المحرز في تنفيذ اتفاقية السيداو في البلدان العربية؛ المبادرات الخلاقة لمكافحة العنف ضد المرأة؛ مشاركة المرأة في تبوء المراكز القيادية وفي اتخاذ وصنع القرار؛ وتفعيل دور الإعلام في تمكين المرأة في العالم العربي.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة المرأة التابعة للإسكوا مكلفة بموجب القرار 240 (د-22) بتحديد أولويات برامج عمل الإسكوا وخططها المتوسطة الأجل المعنية بالمرأة ورصد تطورات وضع المرأة والمؤشرات والإحصاءات المرتبطة بذلك بغية وضع سياسات متكاملة للنهوض بالمرأة وتمكينها.