اليوم، ينعقد الاجتماع الثامن لمجلس إدارة مركز الإسكوا للتكنولوجيا في عمّان لمناقشة برنامج عمل المركز للعام 2019 ومراجعة توصيات الاجتماع السادس للجنة الفنية للمركز الذي عقد في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
بوحي من مقررات الدورة الوزارية الـ30 للإسكوا وتحديدًا بيانها الصادر تحت عنوان "توافق بيروت"، عمد اخصائيون من الأردن والجمهورية العربية السورية والسودان والعراق وعُمان وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن إضافة إلى خبراء إقليميين ودوليين مشاركين في اجتماع اللجنة الفنية إلى تحديد مجموعة من الأولويات للعمل عليها في العام المقبل وتبادلوا الآراء حول أولويات التكنولوجيا وحاجات المنطقة العربية التي تقع ضمن الأهداف الاستراتيجية لمركز الإسكوا للتكنولوجيا ومجالات عمله.
وتشمل الخدمات التي يقدمها مركز الإسكوا للتكنولوجيا الأبحاث والدراسات؛ والخدمات الاستشارية؛ ونشر المعلومات؛ والشراكات مع المنظمات الإقليمية والدولية وجهات معنية بارزة؛ وتدريب العلماء وخبراء تحليل السياسات؛ فضلاً عن تقييم مؤشرات الأداء الرئيسية وقياسها.
التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة
وفي عرض تمهيدي لها خلال اجتماع اللجنة الفنية، أشارت المديرة التنفيذية لمركز الإسكوا للتكنولوجيا ريم نجداوي إلى أنّ تطوير التكنولوجيا والابتكار في المنطقة العربية من شأنه أن يساهم كثيرًا بالتنمية المستدامة وخصوصًا في ما يتعلق بالقضاء على الفقر وبالأمن الغذائي والتعليم والمياه والطاقة والنمو الاقتصادي والبنية التحتية والتصنيع والأنماط المستدامة للاستهلاك والإنتاج إضافة إلى إعادة إحياء الشراكات العالمية وهدف تحقيق المساواة بين الجنسين المتقاطع مع كلّ ما سبق.
وقال أحد المتحدثين في الاجتماع الفني، كاميرون آلن، خبير ومستشار أسترالي متخصص بشؤون تنفيذ أهداف التنمية المستدامة: "الروابط العديدة بين أهداف التنمية المستدامة معقدة للغاية وقد يكون من الصعب استيعابها وتحديدها بالأرقام. لهذا السبب، أعتقد أنّ أدوات التقييم المتكاملة المتقدمة ومختلف أنواع النماذج يمكنها أن تساعد صانعي القرار على فهم ذلك التشابك وتحديد الآثار المرتبطة به بالأرقام". وأضاف قائلاً: "يمكن لمركز الإسكوا للتكنولوجيا أن يساعد الدول على استعمال هذه الأدوات التشخيصية ما يدعمها في تحديد الأولويات الرئيسية الخاصة بكلّ منها وتقييم أين يمكن للتغيير التكنولوجي أن يساهم فعلاً في تحسين هذه المجالات الطارئة".
الشباب والقطاع الخاص
وطوال الاجتماع الممتد على يومين، كان تمكين الشباب في صلب المناقشات كشرط أساسي لتطور التكنولوجيا في المجتمعات العربية.
وقالت الدكتورة رحمة المحروقي، نائبة رئيس جامعة السلطان قابوس للدراسات والبحث العلمي في سلطنة عمان ورئيسة الاجتماع السادس للجنة التقنية للمركز: "الشباب هم أمل المستقبل. علينا أن نؤمّن لهم الموارد والمرافق والمرشدين وتزويدهم بالفرص". وأشارت إلى أنّه من غير الضروري أن يتمّ التعليم في إطار صفّ دراسيّ، "بل يمكن أن يتمّ ذلك في المجتمع أو المعامل طالما نؤمّن لهم التدريب العملي والتعلّم القائم على التجارب مع التركيز على مواهبهم."
وقد توافق جميع المشاركين على أنّ التكنولوجيا والشباب توأمان لا ينفصلان. فخلال عرضه عن الحديقة التكنولوجية الفلسطينية التي يرأسها في رام الله، قال ليث قسيس إنّ المؤسسة لا تتوخى الربح وتعمل على تمكين الشباب في داخل أرضهم وخارجها عبر أنشطة تعليمية مختلفة مثل الدورات التدريبية المكثفة ومسابقات المبرمجين (هاكاثون) حيث يأتي التعلم نتيجة التفاعل وليس عن طريق المحاضرات التقليدية. وتقدم المنظمة في أنشطتها التعليمية فرصة التواصل مع القطاع الخاص وتساعد الشبان والشابات المشاركين على تطوير نموذج عمل.
وأضاف قائلاً: "نسعى إلى تفعيل مختبرات الابتكار في التكنولوجيا الجديدة والناشئة ومنها سلسلة الكتل والواقع الافتراضي المعزز وإنترنت الأشياء والروبوتيات والذكاء الاصطناعي وغيرها التي يدخل الكثير منها في قطاعات عديدة مثل المياه والطاقة والزراعة فتحسن الأداء والإنتاجية".
وعن دور اللجنة الإقليمية، قال القسيس: "يمكن لمركز الإسكوا للتكنولوجيا أن يكون شريكًا معنا في هذه المختبرات كما يمكن أن يعطينا خبراء في موضوع التكنولوجيا الجديدة أو أن يساهم في تسهيل التمويل لنا لكي نمضي في بعض البرامج الخاصة بالتكنولوجيا المتعلقة بالمناخ".
وفي الإطار نفسه، أشارت سيرين دويري، مديرة الحاضنة التكنولوجية iPark التابعة للجمعية العلمية الملكية والمتخصصة بتمكين وتسريع الشركات الناشئة إلى أنّ تكنولوجيات المعلومات والاتصالات تستقطب حاليًا استثمارات أكبر من غيرها من القطاعات مثل الصناعة والزراعة وتكنولوجيات التغير المناخي والتكنولوجيات الحيوية والنانوتكنولوجيا.
وقالت: "نحن بحاجة إلى إثارة اهتمام الشباب في هذه التكنولوجيات الأخرى وعلينا استقطاب رؤوس الأموال المهتمة بالاستثمار في هذه المجالات كما علينا تشجيع القطاع الخاص على القيام باستثمارات من هذا النوع عبر التحدث عن التحديات التي تواجه الشباب وعن كيفية تمكن الشركات الناشئة من إيجاد الحلول لها".
بدوره، قدّم رجيف غارغ، المدير الإقليمي لمركز وشبكة تكنولوجيا المناخ في شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي وفي غربي آسيا وآسيا الوسطى رأيه حول كيفية تحفيز التقدم خصوصًا من خلال مقاربة قائمة على الطلب. وشرح قائلاً: "من الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها مركز الإسكوا للتكنولوجيا أن يدخل في حوار مع القطاع الخاص من أجل تحديد احتياجات هذا الأخير قبل المباشرة بالأبحاث. ويمكن للمعلومات أن تُحوَّل عندئذ للمؤسسات لكي تفهم تحديدًا ما الذي يبحث عنه أصحاب الشأن المعنيون".
وأشار غارغ إلى أنّ مركز الإسكوا للتكنولوجيا يمكن أن يلعب دورًا أساسيًا في بناء قدرات واضعي السياسات عبر تبادل المعارف وعبر الإعلان عن منافع وضع أطر عمل مشتركة. وأضاف أن ليس على المقاربة الإقليمية أن تعني تناسقًا بين السياسات حيث قد تعتمد كلّ دولة أنظمة وقوانين مختلفة ومرتبطة بظروفها ومجالات الأولويات لديها إلاّ أنّ إطار عمل موحّد يمكنه أن يساعد على خلق سوق أكبر وأكثر جاذبية للمستثمرين ما يزيد من فرص إشراك القطاع الخاص.
أولويات أساسية
وخلال اجتماع اللجنة الفنية، سلّط المشاركون الضوء على أولويات أساسية عديدة. فتحدثت فاتن الجبشه مديرة قسم بالوكالة في معهد الكويت للأبحاث العلمية عن الطريقة التي يمكن لمركز الإسكوا للتكنولوجيا فيها أن يساعد المراكز الأكاديمية ومعاهد الأبحاث في سعيها لوضع استراتيجيات للعلوم والتكنولوجيا والابتكار.
وقالت: "نهتمّ بقضايا كثيرة متعلقة بالمياه والطاقة، مثل جميع البلدان في المنطقة التي تخدمها الإسكوا وأعتقد أنّ مركز الإسكوا للتكنولوجيا قادر على لعب دور محوري في استراتيجيتنا المقبلة كوننا نسعى إلى وضع خريطة طريق للتكنولوجيات الناشئة".
من جهة أخرى، تطرّق الأمين العام للجمعية العربية لمرافق المياه في الأردن خلدون خشمان إلى دور التكنولوجيا في أوقات الأزمات. وقال: "ليست التكنولوجيا محصورة بالتقدم تقنيًا وتحسين الأداء والنهوض بمؤسساتنا لكنها قد تستعمل أيضًا في الأوقات الصعبة. في الواقع، هناك حاجة كبرى لها في المراحل الصعبة التي تؤثر على أداء المؤسسات الوطنية في تقديم الخدمات".
ودعا خشمان إلى "الأخذ بعين الاعتبار كيف يجب أن نوظف التكنولوجيا في إيجاد حلول بديلة. على سبيل المثال، عند انقطاع الكهرباء في اليمن مثلاً، ومع غياب الوقود أو المولدات الكهربائية، يجب إيجاد حلول لتقديم الحد الأدنى على الأقل للمواطن؛ الأمر ينطبق أيضًأ على موضوع مراقبة جودة المياه". وختم بالقول إن على مركز الإسكوا للتكنولوجيا أن يأخذ بعين الاعتبار وضع دليل إرشادي يشرح كيف يمكن دعم المؤسسات في وسط الأزمات باستخدام التكنولوجيا البسيطة.
وبالتوازي مع ذلك، تحدث أسامة الريس المدير العام لمدينة أفريقيا التكنولوجية في السودان عن مراجعة السياسة التي يعدّها بلده حاليًا حول الثورة الصناعية الرابعة. وبعد استعادة سريعة للدور الريادي للسودان في مجال التقدم الصناعي في المنطقة، ذكر أنّه ما زال أمام السودان الكثير لتحقيقه من أجل بلوغ طموحاته في مجال التكنولوجيا.
وقال الريس: "كان اجتماعًا مثمرًا وفرصة للاطلاع على ما يفعله الآخرون. كما كان فرصة للتواصل مع عدد كبير من الخبراء واستكشاف فرص تعاون في إطار المنطقة العربية حيث أنّنا نواجه تحديات مشتركة عديدة في مجالات الطاقة والمياه والمناطق الريفية ومناطق النزاعات. كما إننا نسعى لمستقبل مشترك حول التكنولوجيات الرائدة".
وما أن يتبنى مجلس الإدارة برنامج العمل، سيواصل مركز الإسكوا للتكنولوجيا عمله لجعل التكنولوجيا والابتكار عوامل تمكين رئيسية لخطة التنمية المستدامة وتوفير الحلول المبتكرة من أجل تنمية مستدامة وشاملة لا تهمل أحدًا.
الصور: https://bit.ly/2ToQDei
* *** *
لمزيد من المعلومات:
نبيل أبو ضرغم، المسؤول عن وحدة الاتصال والإعلام: +96170993144 dargham@un.org
السيدة رانيا حرب: +96170008879 harb1@un.org
السيدة ميرنا محفوظ: +96170872372 mahfouz@un.org