الزميل أنطونيو فيتورينو، المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة،
السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية،
السيدة كارميلا غودو، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا،
السيدات والسادة،
بدايةً، أودُّ أن أشكرَ المنظمةَ الدوليةَ للهجرة على دعوتي للمشاركةِ في حفلِ إطلاقِ الاستراتيجيةِ الإقليميةِ للمنظّمة حتّى عام 2024.
وأودّ أيضاً أن أُعْرِبَ عن سروري لإطلاقِ هذه الاستراتيجية.
فهي محوريةٌ في توجيهِ مسارِ حوكمةِ الهجرة، في ظلِّ الظروفِ غير المسبوقةِ التي فرضَتْها جائحةُ كوفيد-19 على العالم والمنطقة.
جائحةٌ لا تميّزُ بين مواطنٍ أو مهاجر، تطالُ تداعياتُها المدمّرةُ حياةَ نحو أربعينَ مليون مهاجرٍ ومهاجرةٍ في البلدان العربية.
الحضور الكريم،
في إطارِ استجاباتِها الراميةِ إلى الحدِّ من آثارِ كوفيد-19، فرضَت بلدانٌ عربيةٌ كثيرةٌ قيوداً على الحركةِ وحريّةِ التنقل.
فبقي مهاجرون كثيرون عالقين لفتراتٍ طويلةٍ في الدولِ المضيفةِ لهم.
وعجِز مهاجرون عديدون عن العودةِ إلى ديارِهم.
وخسِر آخرون وظائفَهم.
فبات أكثرُهم بلا مصدرِ رزقٍ يعيشون منه، وأحياناً بلا مأوى يحتمون به.
وأصبح حصولُ المهاجرين على الخدماتِ الطبيةِ صعبَ المنال، رُغمَ الجهودِ المبذولةِ في الدولِ العربيةِ لتأمينِ الرعاية الصحية لهم.
في خِضَمِّ هذه التحديات، تبيَّنَ أنّه لا بدّ من أن تكون الاستجابات للجائحة شاملةً لقضايا الهجرة من المنطقةِ العربيةِ وإليها.
كيف لا، والهجرةُ تؤدي دوراً محورياً على مسارِ التنمية المستدامة.
فعلى هذا المسار، يوفّر المهاجرون والمهاجرات يداً عاملةً ضروريةً لمختلفِ القطاعاتِ الاقتصاديةِ الحيوية.
وعلى هذا المسار، يقومون بتحويلاتٍ ماليةٍ تخفّفُ من تدهورِ أوضاعِ الكثيرِ من سكانِ البلدانِ العربية. على سبيلِ المثال، أدَّت التحويلاتُ في المنطقةِ العربيةِ، والتي بلغَت نحو 55 مليار دولار في عام 2020، إلى تعويضِ شيءٍ من الخسائرِ التي ألحقَتْها الجائحةُ بالناتجِ المحليِ الإجمالي لعددٍ من الاقتصاداتِ العربية.
خسائر تخطّت 180 مليار دولار، أقل ما يُقال عنها إنّها هائلة.
وعلى المسارِ نفسِه، يساهمُ المهاجرون في إغناءِ التنوعِ الثقافيِ والعلميِ في المجتمعات المختلفة، من خلالِ المعارفِ والمهاراتِ الجديدةِ التي يحمِلونَها من بلدانِهم، وإليها.
الحضور الكريم،
اليوم، أكثرَ من أيِ وقتٍ مضى، من واجبِنا تعزيزُ العملِ المشتركِ بين جميعِ الجهاتِ المعنيةِ بالهجرةِ والمهاجرين، من هيئاتٍ حكوميةٍ وغيرِ حكوميةٍ ومنظماتٍ إقليميةٍ ودولية، ولا سيَّما الأمم المتحدة.
ومن واجبِنا توثيقُ التعاونِ بينَنا لدعمِ العملِ نحو النهوضِ بحوكمةِ الهجرةِ في المنطقةِ العربية، وجعْلِها محرِّكاً أساسياً للتنمية.
والتعاونُ بين المنظمةِ الدوليةِ للهجرة والإسكوا ليسَ حديثَ العهد.
فنحنُ، منذ ثماني سنوات، نعملُ في إطارِ شراكةٍ وثيقةٍ نعتزُّ بها، وتنسيقٍ متواصلٍ وعملٍ جماعيٍ فعّالٍ بين الإسكوا؛ وسائرِ منظماتِ الأمم المتحدة؛ وجامعةِ الدولِ العربيةِ، شريكتُنا الرئيسية.
معاً، نؤازر الدولَ العربيةَ في إصلاحِ نُظُمِ حوكمةِ الهجرة، وفي مقاربةِ قضايا المهاجرين بفعاليةٍ أكبر.
ومعاً، نظَّمنا المراجعةَ الإقليميةَ الأولى للاتّفاقِ العالمي للهجرة، وذلك بالتعاون مع أعضاء شبكة الأمم المتحدة للهجرة في المنطقة العربية.
وهذه المراجعةُ بالغةُ الأهمية، لأنّ نتائجَها بيّنت أولوياتِ وتحدّياتِ حوكمةِ الهجرةِ في المنطقة. وهي نفسُها الأولوياتُ والتحدياتُ التي تتناولها الاستراتيجيةُ الإقليميةُ.
فالاستراتيجية تركّز على بناءِ منعةِ المهاجرين في وجهِ الأزمات، وعلى دعمِ مساراتِ الهجرةِ الآمنة، وتوطيدِ التعاونِ الإقليمي والوطني لتطويرِ السياسات ذات الصلة.
ونهجُ الإسكوا يركّزُ على بناءِ المعرفة، وتوفيرِ الأدلّةِ العلميةِ حول الهجرةِ في المنطقةِ العربية، والنهوضِ بقدراتِ صانعي القرارِ لتطويرِ السياسات، وتعزيزِ الحوارِ والتعاونِ الإقليمي.
ختاماً،
أتمنّى لهذا اللقاءِ كلَّ التوفيق، وللاستراتيجيةِ كلَّ النجاح.
وأتطلّعُ إلى استمرارِ شراكتِنا مع المنظمةِ الدولية للهجرة، وسائرِ منظماتِ الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية.
فنحن على يقين من أنّنا، من خلال عملنا الجماعي، قادرون على تحقيقِ هجرةٍ آمنةٍ ومنظّمةٍ ونظاميةٍ تعودُ ثمارُها على كلِّ إنسانٍ، ومجتمعٍ، وبلدٍ في منطقتنا.
وشكراً.